تأمين

رفع الدولار الجمركي في لبنان.. تصحيح خلل أم خطأ كبير؟

 

تحاول الحكومة اللبنانية جاهدةً، أن تجد سبيلاً يرفع من واردات خزينتها، بعد الانهيار المالي الكبير الذي أصاب البلاد وضرب القيمة السوقية لليرة اللبنانية، التي تصرف عبرها الحكومة رواتب موظفيها وتغطي منها نفقاتها المتزايدة، وذلك من أجل تقليص قيمة العجز الواقع في الموازنات الحكومية، الذي يمثل شرطاً أساسياً من شروط صندوق النقد الدولي، لمساعدة لبنان على النهوض من أزمته. 

إلا أن المسار الحكومي المتبع في هذا السياق، والقرارات المرجح اتخاذها لتلك الغاية، من شأنها أن تتحول إلى كابوس يزيد من معاناة اللبنانيين وتضخم الأسعار في أسواقهم، فضلاً عن تهديدها لقطاعات كاملة بالإفلاس والإغلاق الشامل، إذا ما لم تقترن الخطوات الحكومية المتخذة، بدراسات واضحة لأثرها وانعكاساتها على الواقع الاقتصادي المتأزم في البلاد.

تصحيح الخلل.. تحت الضغط

ومنذ العام 2019، انتهجت السياسات المالية المعتمدة في لبنان بعد الانهيار، درب المكابرة والإنكار، لناحية الاعتراف الرسمي بالانهيار الكبير لقيمة الليرة اللبنانية، إذ بقي سعر الصرف الرسمي المعلن من ناحية السلطات اللبنانية يساوي 1500 ليرة للدولار الواحد، وهو الرقم المثبت منذ ما قبل وقوع الأزمة الاقتصادية بسنوات، وذلك عوضاً عن مجاراة السوق وسعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، الذي يصل اليوم إلى عتبة الـ 34 ألف ليرة للدولار الواحد. 

الإبقاء على السعر الرسمي لصرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، فرض في المقابل على السلطات اللبنانية، تقاضي الرسوم والضرائب طيلة المرحلة الماضية على أساس سعر الصرف الرسمي المعلن (1500 ل. ل)، وهو ما أدى خلال 3 سنوات إلى خسائر هائلة في خزينة الدولة، بلغت معها شفير الإفلاس وباتت عاجزة عن تغطية نفقاتها. 

وتسعى الحكومة اللبنانية لتقويم هذا الخلل الضريبي، من خلال زيادة ما يسمى بـ "الدولار الجمركي"، وهو عبارة عن الرسوم المفروضة على السلع والبضائع المستوردة، التي تحتسب وفقاً لقيمة المستوردات والعملة المعتمدة في فاتورة استيرادها، ومعظمها بالدولار الأميركي، حيث تسعى لرفع قيمة الدولار الجمركي المستوفى، من 1500 ليرة لبنانية إلى نحو 20 ألف ليرة للدولار، أي نحو 13 ضعفاً عما هو مستوفى اليوم. 

وهذه الخطوة جاءت تحت ضغط إضراب موظفي القطاع العام في لبنان عن العمل، القائم منذ أشهر عدة، للمطالبة برفع أجورهم التي باتت رمزية، بعدما أدى تآكل قيمة رواتبهم المصروفة بالليرة، إلى عجزهم حتى عن تحمل تكاليف التنقل من وإلى عملهم، فضلاً عن تكاليف المعيشة التي بلغت ارتفاعات قياسية في لبنان خلال المرحلة الماضية. 

ومن أجل دفع الموظفين للعودة عن إضرابهم، وعدت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، التي يرأسها نجيب ميقاتي، برفع أجور القطاع العام وتخصيص مساعدات مالية لهم، والتزمت بهذا القرار دون أن تكون قد أمنت الموارد اللازمة لتلك الزيادات، الأمر الذي وضع الحكومة في حالة بحث عن سبل وموارد مالية جديدة. 

"لهذا الوعد له كلفة اقتصادية على خزينة الدولة" بحسب ما يقول الخبير الاقتصادي منير يونس، مشيراً إلى أن الكلفة تقارب الـ13 مليار ليرة، مضيفاً "وبما ان الموازنة التي اقرها وزير المالي يوسف خليل قد اعتمدت سعر صرف 20 ألف ليرة، يجب أن يكون الدولار الجمركي وبقية الرسوم والضرائب على حساب 20 ألف ليرة للدولار، وذلك لمقابلة الإنفاق على موظفي القطاع العام بالإيرادات المناسبة."  

إلا أن الملف دخل فيما بعد بالمتاهات السياسية، بحسب يونس، "لكون بعض الجهات تعتبر أن رفع قيمة الدولار الجمركي سيؤدي إلى تضخم في الأسعار."

محاولة تمرير

وفي وقت يسجل لبنان أعلى مستويات للتضخم في أسعار السلع والمواد الغذائية في العالم، وفق تقارير البنك الدولي، فضلاً عن ارتفاعات قياسية في التكاليف المعيشية وأسعار الخدمات، فيما 80 في المئة من شعبه يعيشون فقرا متعدد الأبعاد، من شأن أي زيادات على الضرائب والرسوم ان تنعكس سلباً على مجمل السوق اللبنانية، والقدرة الشرائية لسكان الذين سيتحملون كلفتها من جيوبهم. 

وانطلاقاً من هذا، شدد الخبراء وطالبت القطاعات الإنتاجية في لبنان، بخطة نهوض اقتصادية شاملة من قبل الحكومة، يندرج ضمنها رفع قيمة الدولار الجمركي، تفادياً للانعكاسات السلبية التي قد تنتج عن رفع الرسوم الجمركية بشكل منفصل عن الحل المتكامل، وهو ما حاولت رئاسة الحكومة اللبنانية تمريره في السابع عشر من أغسطس الفائت، من خلال كتاب موجه من رئيس الحكومة إلى وزير المال يطلب فيه تحديد سعر الدولار الجمركي بقيمة 20 ألف ليرة، من أجل احتساب قيمة البضائع الواجب التصريح بها للجمارك، وذلك بعد استطلاع رأي مصرف لبنان والتنسيق معه بهذا الشأن.

وجاء الكتاب عقب اجتماع لوزراء الحكومة ورئيسها في السراي قبل يوم واحد، تم خلال الاجتماع، بحسب الكتاب، التوافق من قبل جميع الحاضرين على تحديد سعر الدولار الجمركي الجديد، وذلك لكون استيفاء الرسوم الجمركية على سعر 1500 ليرة "يكبّد الخزينة اللبنانية خسائر كبيرة"، فيما بات من الضرورة "تأمين إيرادات إضافية لتغطية النفقات الضرورية التي تزداد بشكل كبير نتيجة التدنّي الهائل في القيمة الشرائية لليرة اللبنانية لا سيّما في ضوء ما تعاني منه الخزينة من شحّ في الواردات."

تبادل مسؤوليات

إلا أن الكتاب أثار ضجة كبيرة بعدما تسرب إلى الإعلام، وانعكس خوفاً كبيراً في الأسواق، ولدى المواطنين اللبنانيين، من المستويات التي ستبلغها الأسعار بعد هذا القرار، الذي سرعان ما انعكس زيادات عشوائية على الأسعار من قبل التجار، في ظل انعدام الرقابة الفاعلة من ناحية السلطات اللبنانية، إضافة إلى رصد عمليات تخزين واحتكار للسلع والمواد المشمولة بالزيادات الجمركية. 

فضلاً عن ذلك أثار الكتاب جدالاً قانونياً وتقاذف مسؤوليات بين أركان السلطة السياسية الحاكمة وأحزابها، التي يتجنب كل طرف فيها أن يكون مسؤولا مباشراً، من خلال ممثليه في الحكومة أو مواقع القرار، عن إقرار تلك الزيادات المتوقع أن تثير غضباً شعبياً، فيما آثاره الاقتصادية غير معلومة أو مدروسة النتائج حتى الآن، وهو ما يفسر بيانات التبرؤ من كتاب ميقاتي التي قام بها وزراء الحكومة بشكل متلاحق، نازعين صفة "التوافق" عن القرار. 

من هنا جاء اعتراض "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) على وضع القرار في يد وزير المال يوسف الخليل، المحسوب على حصة حركة أمل الوزارية، معتبرين أن رفع الدولار الجمركي هو من صلاحية الحكومة بالكامل، وفقا لقانون الموازنة، وليس وزيراً واحداً فيها، مطالبين بتقديم دراسة حكومية عن الأثر الاجتماعي للدولار الجمركي، وتكلفته على رواتب القطاع العام والخاص، مسجلين اعتراضهم على رقم 20 ألف ليرة للدولار باعتباره مرتفعاً جداً. 

وكان قد سبقهم إلى هذا الموقف رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، الذي رد مرسوم الدولار الجمركي الموقع من رئيس الحكومة ووزير المال، رافضاً توقيعه، وذلك اعتراضاً منه على الرفع الفوري للرسوم إلى نسب عالية بدلا من اعتماد منحاً تصاعدياً، إضافة إلى عدم وضوح النتائج الإيجابية على الخزينة من جهة، وآثار القرار على المواطنين الذين سيحرمون من سلع وبضائع كثيرة سيشملها المرسوم، ما من شأنه أن يعمق الفوارق الاجتماعية بين اللبنانيين. 

ماذا يقول القانون؟

واحتدم الجدل القانوني بشأن الجهة المخولة إقرار هذه الزيادات، وبالتالي من سيتحمل تبعاتها ومسؤولية إقرارها شعبياً، حيث خرج رأي قانوني يطالب باتخاذ المجلس النيابي لقرار رفع الدولار الجمركي، لكونه يحتاج تشريعاً قانونياً ليس من صلاحية حكومة تصريف الأعمال أو وزير المال منفرداً القيام به، وذلك وفقاً للمادة /82/ من الدستور اللبناني التي نصّت على أنه "لا يجوز تعديل ضريبة أو إلغاؤها إلا بقانون". 

فيما يعتبر رأي آخر أن قانون الجمارك، أي المرسوم /4461/ لعام 2000، واضح وواجب التطبيق، إذ تنصّ المادة /35/ منه على أنه "إذا كانت قيمة البضائع الواردة في الفاتورة، محررة بعملة أجنبية، يتم تحويلها إلى عملة لبنانية على أساس معدل التحويل المعمول به بتاريخ تسجيل البيان التفصيلي والمسند إلى معدلات التحويل التي يحددها، شهريا أو دوريا، مصرف لبنان." 

أي أنه كان يمكن للجمارك اللبنانية ببساطة أن تراسل مصرف لبنان لاعتماد معدلات التحويل التي يحددها، منذ بداية الأزمة المالية قبل سنوات. 

وفي هذا السياق يوضح الخبير الدستوري، الدكتور بول مرقص، أن ما يسمى بـ " قانون الجمارك" هو في الحقيقة مرسومٌ وليس قانوناً، وهو معطوف على القانون رقم /132/ لعام 1999 الذي منح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي.

ويشرح في حديثه لموقع "الحرة" أنه جرت العادة أن يفوض مجلس النواب اللبناني الحكومة صلاحية التشريع في الحقل الجمركي، وذلك انطلاقا من القانون رقم /132/ تاريخ 26/10/1999 المتعلق بمنح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي، إضافة إلى القانون رقم /93/ تاريخ 10/10/2018 الذي نصّ في المادة الأولى منه على "منح الحكومة لمدة خمس سنوات (حتى العام 2023)، حق التشريع في الحقل الجمركي بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء." 

وانطلاقاً مما سبق، يشدد مرقص على أن تعديل التعرفة الجمركية أو ما يسمى بالدولار الجمركي، "يعود إلى السلطة التشريعية، التي يمكنها أن تفوض هذه المهمة الى مجلس الوزراء بموجب قانون، عندها يمكن للحكومة أن تشرّع بموجب مرسوم في المجال الجمركي." 

ويتابع "من غير القانوني أن يحدد سعر صرف الدولار الجمركي من قبل وزير المال، دون وجود قانون واضح وصريح يسمح بذلك، فمنح وزير المال تفويضاً استناسبياً ودائماً في تعديل الرسوم الجمركية يشكل انتهاكاً لصلاحية مجلس النواب التشريعية وصلاحية الحكومة."

ويضيف الخبير الدستوري أن من شأن هذه الخطوة، أن تفتح المجال أمام أي كان من أصحاب المصالح بالتقدم بمراجعة أمام مجلس الشورى لوقف تنفيذ القرار وابطاله، بخاصة أن مجلس شورى الدولة  يعتبر من جهته أن تعديل التعرفة الجمركية يتطلب تشريعاً، ولا يمكن أن يحصل بمرسوم عادي، كونه يلحظ فرض رسوم جديدة، وهو لا يدخل في إطار حق التشريع الجمركي المعطى للحكومة." 

ويخلص مرقص إلى أن الحلّ الفعلي لهذه القضية يكمن في "خطة ورؤية إقتصادية شاملة وبرنامج إصلاحي واضح، فلا يمكن أن يكون تدبيراً مجتزءاً ينطلق من خطوات منفردة ومنفصلة يتحملّ المواطن وحده أعباءها والآثار المترتبة من جرائها، مع تفهمنا لحاجات الخزينة وضرورة تسديد رواتب موظفي القطاع العام."

غرق في الاستيراد

غياب المعطيات التي أشار إليها مرقص تثير مخاوف كبرى في لبنان، لاسيما لدى القطاعات الإنتاجية والشركات التجارية ومستوردي السلع والبضائع من الخارج، خصوصاً أن لبنان يعتمد على الاستيراد لتلبية أكثر من 80 في المئة من حاجات السوق والقطاعات الإنتاجية فيه، ما يعني أن هذا الحجم الكبير من الحاجات الاستهلاكية مهدد برفع الدولار الجمركي. 

"الهدف اليوم من الدولار الجمركي هو تخفيف الاستيراد عموماً"، يقول يونس في حديثه لموقع "الحرة"، ويضيف الخبير الاقتصادي أنه "بالنسبة إلى بلد مأزوم مثل لبنان، يعاني من عجز كبير في الميزان التجاري وفارق كبير بين ما يصدر وما يستورد، ويستورد بكميات كبيرة جداً، هذا يؤدي إلى خروج الدولارات من البلد، ويزيد الضغط على سعر صرف الدولار، ويفاقم من الأزمة."

ويضيف يونس "استهلاك الأغنياء في لبنان هو ما يضغط على سعر صرف الدولار، وليس الفقراء الذين يعيشون على الأساسيات، فموظف القطاع العام الذي يعيش اليوم تقشفاً قاسياً بفعل ضآلة راتبه، سوف يستهلك أي زيادة مالية تصله ليصحح وضعه، وليس هدفه تصريف أمواله إلى الدولار، حتى يقال ان رفع الأجور للقطاع العام سيزيد الطلب على الدولار، رفع الأجور سيزيد من استهلاك الموظفين، في المقابل يجب ضبط الاستيراد الفاخر والغالي لتخفيف الضغط على الدولار." 

"نحن اللبنانيين حتى اليوم لم نقتنع أننا في أزمة كبيرة"، يقول الخبير الاقتصادي، "نريد الاستمرار بالاستيراد والاستهلاك وكأن شيئا لم يكن، فيما الدول التي مرت بأزمات مشابهة خفضت من استهلاكها واستيرادها إلى أقصى الحدود، للحفاظ على الدولارات في البلاد، حتى ان هناك دول حددت سلع معينة فاخرة وكمالية منع استيرادها كما حصل في مصر مثلاً، وهذه المشكلة الحقيقية في لبنان، فالنزيف المستمر للدولارات يمنع الوصول إلى استقرار نقدي وبالتالي قوة شرائية للعملة المحلية."

مخاوف وشروط

رفع الدولار الجمركي في ظل واقع الاعتماد الكبير على الاستيراد في لبنان، الذي أثار قلق المواطنين من جهة، تسبب من جهة أخرى بمخاوف كبيرة لدى القطاعات تجارية وانتاجية في البلاد، التي تعتمد على الاستيراد في عملها وتأمينها للمواد الأولية اللازمة للإنتاج.

ورغم أن رفع الرسوم الجمركية عادة ما يصب في صالح الصناعة المحلية، ويزيد من قدرة السلع المحلية على المنافسة، إلا أن ذلك محكوم بشروط فندها نائب رئيس جمعية الصناعيين في لبنان، زياد بكداش، أولها يتعلق بالمواد الأولية المشمولة بالرسوم الجمركية، التي تشكل نسبتها 15 في المئة من المواد الأولية المستخدمة في الصناعات المحلية، وهي نسبة كبيرة جداً. 

ويأسف بكداش لكون الرسوم الجمركية على هذه المواد تتراوح ما بين 5 و10 في المئة، مطالباً برفع تلك الرسوم قبل إقرار الدولار الجمركي، لكي يصب فعلياً في مصلحة الصناعة المحلية. 

وفي هذا السياق يؤكد بكداش أن وزير الصناعة اللبناني جورج بوشكيان، تعهد بالعمل على رفع الرسوم الجمركية عن تلك المواد الأولية، لكن يبقى أمام الصناعة اللبنانية تحديات مع الدولار الجمركي، لا تقل تأثيراً وخطورة عما سبق. 

الشرط الثاني، الذي يعرضه بكداش، يتعلق بإيجاد الحكومة حلاً لموضوع التهرب والتهريب عبر معابر ومرافئ الدولة الشرعية، "التي تشهد كثيرا من التجاوزات"، حيث أن قسما كبيراً من الاستيراد الذي يتم خصوصاً من الصين والشرق الأقصى، يصل بفواتير مخفضة بحدود 50 في المئة، "أي أنه من كان يدفع رسوم جمركية نسبتها 20 في المئة، بات يدفع 10، وهذا التلاعب الحاصل في الفواتير، عبر المرافئ الشرعية، يمثل سرقة موصوفة للدولة وإضراراً بالصناعة المحلية"، على حد تعبير بكداش." 

أما الشرط الثالث، فهو ألا تشمل الرسوم الجمركية المواد الاستهلاكية والطبية والغذائية التي لا تصنع في لبنان، ومصنفة ضمن الأساسيات وليس الكماليات، في هذا الجانب بحسب بكداش "مطلوب من الدولة ان لا تفرض دولارا جمركيا مرتفعاً عليها، لأننا نعلم جميعا الوضع الاقتصادي في لبنان وواقع رواتب العمال والموظفين فيه."

ويلفت بكداش إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار قطاع السيارات بشكل خاص، وذلك بسبب انعدام خطة للنقل العام في لبنان، ما يجعل من السيارات ضرورة بالنسبة إلى المواطنين، وفي هذا الجانب يدعو بكداش إلى ضرورة التمييز بين السيارات ذات السعر المنخفض وبين تلك الفاخرة والفخمة. 

الأكثر تضرراً 

ويعتبر قطاعي السيارات والأدوات الكهربائية والإلكترونية من أكثر القطاعات تأثراً برفع الدولار الجمركي، رغم عدم وجود صناعات مثيلة لها في لبنان من شأنها أن تمثل منافسة تبرر رفع التعرفة الجمركية عليها، إلا أن الدولة اللبنانية لازالت تنظر بعين الكماليات إلى هذه القطاعات التي باتت تمثل حاجة أساسية للسكان على أرض الواقع. 

ويعتبر نقيب مستوردي السيارات الستعملة في لبنان، إيلي قزي، أن قطاع السيارات "من أكثر القطاعات المتضررة ولا شك بذلك."

ويشرح أن "نظام الضرائب الذي نعمل به اليوم ما عاد مناسباً للمرحلة المقبلة على لبنان، حيث يجب أن يصبح هناك تثبيت لسعر الصرف، وآلية جديدة لاحتساب قيمة السيارة التي تفرض على أساسها قيمة الرسوم الجمركية." 

ويضيف قزي "لأجل ذلك تقدمنا باقتراح قانون يتضمن حد أدنى للرسم الجمركي على السيارة يبدأ من 5% لتتمكن الطبقة الفقيرة والوسطى من شراء وتأمين السيارات اللازمة لها، لاسيما وأن الدولة تفرض ضرائب دون أن تقدم في المقابل حلولاً للمواطنين." 

"لا يمكن للدولة اليوم عبر هذه الضرائب والرسوم أن تقول للمواطن لم يعد بامكانك ان تركب سيارة خاصة، فيما هي لا تؤمن في المقابل خطة للنقل العام وبديل عن السيارات لتنقلات المواطنين، حين تصبح السيارات بعيدة عن متناولهم بفعل ارتفاع أسعارها". 

ويلفت قزي أن لا مشكلة لدى القطاع في مبدأ رفع قيمة الدولار الجمركي، "إذ لا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه وفق سعر صرف 1500 ليرة، ولكن ما نطالب به أن تكون هذه الخطوة ضمن سلة إصلاحات متكاملة، مع وقف للتهريب والتهرب الجمركي، لتصبح الناس متساوية بين بعضها البعض، وليس فئة تدفع رسوم وضرائب وفئات تتهرب وتهرب، هنا تنعدم المنافسة ويصبح من الصعب متابعة العمل في لبنان."

ويسأل قزي "ما الذي يضمن لنا ان يكون الدولار الجمركي مسعر على أساس 10 آلاف ليرة، ثم أن يرتفع إلى 20 ألفاً بعد أشهر؟ باقتراح القانون الذي قدمناه تصبح هناك آلية معتمدة وواضحة لاحتساب الرسم الجمركي، بغض النظر عن تقلبات سعر الدولار الجمركي أو سعر صرف الدولار." 

ويشدد نقيب مستوردي السيارات على أن الهيئات الاقتصادية، التي تنضوي نقابته ضمنها، من المستحيل أن تقبل بسعر دولار جمركي أكثر من 10000 ليرة كحد اقصى. منبهاً السلطات اللبنانية إلى أن "رفع الدولار الجمركي، إن حصل دون الأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتنا ومطالبنا، لن يتمكنوا بعدها أن يحصلوا أي ليرة من قطاع السيارات في لبنان، خاصة أنه وفق الحسابات الحالية، فإن السيارة التي كانت تكلفنا رسوما جمركية 7 ملايين و700 ألف ليرة، سنكون مضطرين لدفع 140 مليون، ما يعني تهجيراً لقطاع السيارات وإرغام التجار على الهجرة برساميلهم إلى خارج البلاد للعمل." 

"في المقابل لا زلنا نستحصل على أموالنا من المصارف والدولة اللبنانية وفق سعر صرف الدولار 8000 ليرة فيما هو بالسوق يناهز 33 ألف ليرة، فكيف يحق للدولة التي تحاسبنا على سعر صرف متدني، أن تطلب منا دفع الرسوم والضرائب وفق سعر صرف 20 ألفاً؟" يسأل قزي. 

ويعتبر أن الحكومة اللبنانية "تريد تمويل قطاعها العام على حساب القطاع الخاص فيما القطاع الخاص يعاني بالأساس من احتجاز وسرقة لأمواله في المصارف، ثم أتت جائحة كورونا حيث لم ينظر أحد إلى القطاع الخاص بعين المساعدة او الدعم من الجهات الرسمية، كل دول العالم ساعدت القطاع الخاص إلا في لبنان، وهذا سيصل بنا إلى هجرة القطاع الخاص ورساميله." 

خطأ اقتصادي وظلم كبير

من حيث المبدأ، يرى يونس أن الدولار الجمركي يفترض أن يكون على سعر صرف السوق، لكن ذلك يتطلب في المقابل توحيدا لأسعار صرف الدولار، حيث يشهد لبنان تعدداً كبيراً في أسعار صرف الدولار، إذ أن هناك سعر صرف محدد لسحوبات الودائع، وسعر صرف لما سمي بالدولار الطالبي، وسعر للدولار الاستشفائي، وسعر لدولار منصة صيرفة المدعومة من مصرف لبنان، وسعر آخر تعتمده شركات تحويل الأموال، بالإضافة إلى سعر السوق السوداء. 

انطلاقا من ذلك يرى الخبير الاقتصادي أن عدم حل مشكلة تعدد أسعار الصرف ستجعل من الدولار الجمركي سعر صرف جديد في السوق، ما من شأنه أن يخلق مزيداً من التشويه على التشوهات الموجودة في الاقتصاد اللبناني.

ويضيف يونس "من غير العادل اليوم أن يحسب الدولار الجمركي على سعر 20 ألف ليرة، فيما قيمة دولار السحوبات من الودائع في المصارف هي 8000 ليرة، هذا ظلم كبير للمواطنين." 

ولا يبدو، وفق يونس، أن إقرار الدولار الجمركي اليوم سيأتي ضمن خطة لتوحيد سعر صرف الليرة اللبنانية، "وإنما يبدو أنه سيقر وفق تسوية سياسية وبسعر وسطي قد يناهز 12 أو 15 ألفاً بدلاً من 20، وستبقى هذه الخطوة في إطار الترقيع  من خارج اطار خطة متكاملة، والترقيع في الأزمات عادة يعمق الأزمة أكثر، ويصعب الحلول على المدى الطويل، وبالتالي هو بمثابة خطأ اقتصادي تورطت فيه الحكومة بعد وعدها للموظفين بالزيادات من أجل علاج موضوع الإضرابات."

لكن حتى قيمة هذه الزيادات، من المرجح ان تتآكل بفعل ارتفاع الأسعار الناتجة عن تأثير الدولار الجمركي، ما سينعكس تآكلا في القيمة الشرائية للمعاشات والزيادات ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر، وهذا بحسب يونس ناتج عن "انعدام الرقابة في الأسواق، نتيجة الفشل في الإدارة المالية على صعيد الجمارك من جهة، وفشل في الرقابة على الأسواق من وزارة الاقتصاد من جهة أخرى." 

ويلفت يونس إلى أن "المستفيد من الوضع الحالي بحساب الرسوم الجمركية على سعر صرف 1500 ليرة، هم التجار وليس المواطنون، حيث يدفعون قيمة الرسوم الجمركية على حساب 1500 ليرة ويبيعون في الأسواق على حساب سعر الدولار في السوق السوداء، وهنا يأتي الدولار الجمركي ليصحح هذه المعادلة فيما يفترض أن لا ينعكس على الأسعار الحالية، بوجود رقابة، حيث يرجح أن ترتفع الأسعار في حسبة نظرية ما بين 8 إلى 24 في المئة فقط، مع استثناء نحو 600 سلعة أساسية وغذائية معفية من القرار." 

وفي هذا السياق كان وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام قد شكا في مقابلة مع قناة "الحرة" ضمن برنامج "المشهد اللبناني"، من أن دور وزارة الاقتصاد الرقابي "يعيش تداعيات 20 و30 سنة من السياسات المالية والنقدية الخاطئة، وأضاف أنه في الفترة الأخيرة اضطر لإنشاء جهاز رقابي، لكون مديرية حماية المستهلك تعمل بمؤازرة جهاز واحد هو امن الدولة، ولكنه اصطدم بتدني عدد المراقبين الذين يبلغ عددهم ما بين 50 الى 55 مراقب في كل لبنان.

وأضاف وزير الاقتصاد اللبناني "لذلك كنت طالبت البلديات بأن تساعدنا في هذه المهمة شرطة البلدية، لكن لم ألق تجاوبا الا من نحو 5% من بلديات لبنان." 

وشرح سلام أن رفع الدولار الجمركي لن يؤثر على أسعار المواد الغذائية، إنما سيطال سلعاً تدخل أكثر في إطار "الكماليات". موضحاً أنه طلب من وزارة المالية لوائح السلع التي ستتأثر مباشرة برفع الدولار الجمركي، ومن كل المستوردين إبلاغ وزارة الاقتصاد بكل السلع التي دخلت وتدخل حاليا الى لبنان على سعر الدولار الجمركي الحالي، "حتى لا يحصل استغلال لهذه السلع من قبل التجار عندما يُرفع سعره." 

"كماليات" أساسية

إلا أن تطمينات وزير الاقتصاد اللبناني، لا تنسجم مع ما يكشفه نقيب مستوردي السلع الغذائية في لبنان، هاني البحصلي، الذي يرى أنه "من الخطأ اعتبار قطاعنا لكونه مرتبط بالسلع الاستهلاكية والغذائية، غير مشمول بالقرار."

ويشرح البحصلي أن الأصناف المعفية من الرسوم الجمركية "تشكل اقل من نصف السلع الغذائية المستوردة في لبنان، ولكن حتى هذه البضائع المعفية هناك قسم كبير منها يدفع الضريبة على القيمة المضافة TVA، وبالتالي الدولار الجمركي يحسب على قيمة البضائع وشحنها، فمثلا إذا ما كان هناك شحنة قيمتها نحو 100 ألف دولار كانت تدفع القيمة المضافة عليها بناء على سعر 1500 ليرة للدولار، ستصبح اليوم وفقا لسعر الدولار الجمركي، وسترتفع قيمتها وضريبة القيمة المضافة عليها." 

ويتابع "حتى لو كانت البضائع معفية، حين يرتفع الدولار الجمركي هناك عناصر في الكلفة والتخليص سترتفع تلقائياً وستتأثر بالزيادة على الدولار الجمركي."

ولكن  في المقابل، يوضح البحصلي، أن هناك كثيرا من الأصناف من المواد الغذائية يحسب عليها رسوم جمركية عالية قد تصل نسبتها إلى 35 في المئة، وهناك ما يصل إلى حدود الـ 60 و70 في المئة، وليس جميعها متوفر لها صناعة مثيلة في لبنان، بحسب بحصلي الذي يضرب مثالاً بالخضراوات المعلبة حيث تصل نسبة الرسوم الجمركية المفروضة عليها إلى 35 في المئة، "الذرة والفطر المعلب مثلا لا يوجد لها صناعة مثيلة في لبنان ومن غير ممكن تصنيعها هنا، فيما هي من ضمن المواد الأساسية على المائدة اللبنانية، وهناك كثير من الماركات اللبنانية للخضار المعلبة ولكن التعبئة تتم في الخارج وليس في لبنان." 

ويضيف نقيب مستوردي المواد الغذائية أن "هذه الماركات اللبنانية ستكون من أبرز المتضررين من رفع الدولار الجمركي لكونها ستفقد قدرتها على المنافسة في السوق."

وإذ يرى بحصلي انه من حق الدولة، في ظل انهيار قيمة العملة المحلية، أن ترفع من قيمة وارداتها لتغطي مصاريفها، ولكنه يسأل في الوقت نفسه، "لماذا هدرت الدولة 20 مليار دولار في خطط دعم غير مجدية منذ العام 2019، والآن يبحثون عن التعويض من خلال الضرائب، لماذا لم يفكروا بذلك قبل إهدار 20 مليار؟ هذه الأموال كان يمكن ان تكفي لبنان لـ6 سنوات على الأقل، هدرت في 3 سنوات في غير محلها، والآن بعد نفاذ الاحتياطات استيقظوا على رفع الرسوم على استيراد السلع الغذائية الأساسية؟" 

تجار الأزمة

وجرى الحديث خلال الفترة الماضية عن ارتفاع ضخم في نسبة استيراد السلع والمنتجات من خارج لبنان، وذلك في إطار سعي التجار والمستوردين لتخزين البضائع في لبنان قبل رفع الدولار الجمركي، وطرحها في الأسواق بعد البدء بتطبيق القرار من أجل تحقيق أرباح كبيرة، الأمر الذي أثار سخطاً شعبياً على التجار وشركات الاستيراد، حيث وصفوا بـ "تجار الأزمة". 

وفي هذا الشأن، يوضح بحصلي أن أي تاجر يشتري بضاعة اليوم ليرفع سعرها لاحقاً بعد ارتفاع الدولار الجمركي، "لا يعتبر تحقيقا للأرباح، وانما حماية للرأسمال الذي سيتأثر بعد ارتفاع الدولار الجمركي. فهذا التاجر سيكون مضطرا فيما بعد لشراء بضاعة جديدة تخضع للرسوم الجمركية الجديدة، وبالتالي سترتفع التكلفة عليه أيضاً، مما يعني أن الربح الذي سيحققه اليوم من استيراد بضاعته قبل إقرار الدولار الجمركي، سيعود ويدفعه حين يستورد مزيداً من تلك السلع بعد رفع الرسوم الجمركية، هذه الأرباح لن تصل إلى جيبه وانما ستكون كلفة الاستيراد القادم." 

ولا ينفي بحصلي أن هناك بعض التجار الذين لا يعملون بالاستيراد عادة، وانما يقيمون صفقات على الهامش في هذه الأوقات والظروف لتحقيق أرباح، "هؤلاء يمكن ان يستفيدوا في هذا الوقت، ولكن لا أرى جدوى تجارية أو اقتصادية للتجار المتمرسين أن يستوردوا كميات كبيرة من البضائع الآن، لأن إقرار الدولار الجمركي ليس أكيداً بعد، وتسعيرته المتداولة ليست نهائية وقد تكون أقل، وبالتالي من يراهن اليوم برأسمال كبير لتخزين بضاعة قد يتفاجأ بأن الدولار الجمركي لن يرتفع بالشكل المطلوب وبالتالي لا يحقق الأرباح المرجوة."

مطلوب حلول "بالجملة"

يرى يونس أن هناك شرطين حتميان لنجاح خطوة الدولار الجمركي، وهما حتى الآن غير متوفرين في لبنان، الأول يتمثل في ضبط الحدود ومعابر التهريب غير الشرعية، وهو ملف شائك يخضع لحسابات وحمايات سياسية، فيما الشرط الآخر يتعلق بفاعلية الرقابة التي تمارسها الجمارك "إذ أن التجار يمارسون كثيراً من الآلاعيب من بينها عدم التصريح عن البضائع التي تخضع لرسوم جمركية عالية، مقابل التصريح عن سلع ومنتجات معفية من الرسوم." 

وبعدم توفر الشرطين يكون من الصعب ضمان ألا تتأثر الأسواق والقدرة الشرائية للمواطنين سلباً، بإقرار الدولار الجمركي، بحسب الخبير الاقتصادي.

من ناحيته يشدد الصناعي اللبناني فادي الجميل، في حديثه لموقع "الحرة"، على أن لبنان بحاجة لحل اقتصادي متكامل، يشمل 3 مستويات، الدولة من جهة استعادة دورها وهيبتها وحدودها، ثانياً الحوكمة، وثالثاً الحلول الاقتصادية والاجتماعية، ويجب ان يسير الحل على كافة المستويات بشكل متواز. 

ويضيف: "اليوم من الطبيعي أن الدولة اللبنانية تبحث عن مدخول تؤمنه لخزينتها، ومن غير المقبول ان يبقى الدولار الجمركي على سعر الـ1500 ليرة، نحن كصناعيين حين يصبح هناك معالجات للرسوم الجمركية خاصة للسلع المصنعة مثيلاتها في لبنان، لن نعترض، لكن المشكلة أن الحل يأتي مجتزأ، فهو لم يأت في سياق خطة تعافي او نهوض متكاملة من جهة، ومن جهة ثانية يأتي رفع الدولار الجمركي في ظرف ان حدود لبنان البرية سائبة، ما يعني انه سيرتفع نسبة تهريب الكثير من السلع، ما يفرض إيجاد حلول متكاملة وليس مجتزأة."

ويشرح أنه بالإضافة إلى التهريب غير الشرعي، هناك أيضاً تلاعب عبر على المعابر الشرعية للدولة اللبنانية، وهذا ما يضر الخزينة بحرمانها من إيرادات كبيرة كما يخلق ضرراً للصناعيين الذين يصنعون بضاعة مماثلة في لبنان، حيث تفقد السلع المنتجة في لبنان قدرتها التنافسية في وجه سلع مماثلة مصنعة في دول المنطقة المجاورة، ولكنها تحظى بدعم حكومي للصناعة في دول المنشأ لاسيما لناحية تكاليف الطاقة التي باتت تأخذ نسبة كبيرة من كلفة الإنتاج في لبنان، خاصة أن هناك مصانع في لبنان تمثل الطاقة نحو 25 إلى 35 في المئة من سعر بيعها، فيما كلفة الطاقة  للمعدل العام الصناعي في لبنان كانت لا تتعدى الـ5.6% وهنا يصبح على الدولة واجب تأمين هذه العناصر التنافسية للصناعة اللبنانية من خلال دعمها ووقف التهريب والتهرب."

ويتفق  الجميل في ذلك مع نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، الذي يختم أن هذه الرسوم، وإن كانت تصب في مصلحة إنهاء أزمة السيولة في الخزينة اللبنانية، "ولكنها تبقى ضمن الحلول بالمفرق، في حين أننا ما عدنا قادرين ولا الدولة قادرة على حل مشاكلها بالمفرق، وانما بحاجة لحلول بالجملة عبر خطة اقتصادية شاملة للمواطن اللبناني وخزينة الدولة، ولكن للأسف التجربة مع الدولة اللبنانية غير مشجعة."