منوعات

عام 2023 الصراع بين التجاذبات والتسويات

موضوع الغلاف 

على الرغم من ان المكتوب يقرأ من عنوانه بالنسبة للاوضاع في لبنان فان التوقعات عن العام ٢٠٢٣ لا تبشر بالخير في ظل استمرار التشنجات والتجاذبات السياسية المؤثرة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية واستمرار الانهيار النقدي حيث تجاوز سعر صرف الدولار الستين الف ليرة لبنانية واستمرار التداعيات السلبية لمختلف القطاعات الاقتصادية حتى لا تبدو اية ملامح ايجابية تظهر في الافق السياسي ان كانت على صعيد انتخاب رئيس جديد للجمهورية او تشكيل حكومة تطبق الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي .
لكن كما هو معروف عنه اللبناني فأنه لا يخضع للضغوط بل يصر على مجابهة التحديات ولعل البعض يعتقد ان العام ٢٠٢٣هو عام التسويات واعادة لبنان الى مصاف الدول المؤهلة للحياة وتحقيق الانجازات التي كان لبنان يتمتع بها وما يزال من خلال المبادرة الفردية التي حققت الانتصارات في مختلف المجالات وبين استمرار التجاذبات السياسية المعطلة لاي امل بفرصة للانقاذ واعادة الحياة الى هذا الوطن .
مع بداية العام ٢٠٢٣لا تبدو افق الحل السياسي قد لاح في الوقت الذي يستمر استنزاف الاقتصاد الوطني بعد ان فقدت الليرة قيمتها بنسبة ٩٧في المئة لمصلحة الدولار الذي وصل الى الستين الف ليرة والارتفاع مستمر خصوصا ان عددا من الخبراء توقع ان يصل الى مئة الف ليرة في نهاية الصيف ومئة وخمسين الف ليرة في نهاية العام الحالي وبالتوازي ارتفعت اسعار المحروقات حيث تجاوز سعر صفيحة البنزين والمازوت المليون ليرة المنعكسة سلبا على قطاع النقل وعلى تعرفة المولدات الخاصة التي باتت تحسب بالدولار دون اي رادع بينما عدد ساعات الكهرباء الرسمية لا تتجاوز الساعتين على امل ان تزيد الى خمس ساعات شرط توفر شروط غير متوفرة في الظروف الحالية ،وعلى قطاع التجزئة والسلع الغذائية والتموينية المحلقة عاليا .
واذا كانت السياحة قد حققت بعض التقدم من خلال مجىء المغتربين الذين دعموا بلدهم صيفا وخلال اعياد الميلاد ورأس السنة مما ادى الى مد لبنان بحوالي ٧مليارات دولار لدعم الاقتصاد اضافة الى تحويلاتهم التي بلغت الرقم ذاته ورغم ذلك ما زال اللبناني يعاني بعد ان وصلت نسبة الفقر الى ٧٠في المئة من المجتمع المدني وارتفاع نسبة الهجرة الى حوالي ٤٠في المئة التي تعتبر الاكثف منذ وجود لبنان مما يدل على عمق الازمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية 
قي هذا في الوقت لم يتمكن المجلس النيابي من تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي من الكابيتال كونترول الى تعديلات في السرية المصرفية والاصلاحات في موازنة الدولة واعادة هيكلة القطاع المصرفي وترشيق القطاع العام 
ويقول القيادي الاقتصادي باسم البواب ان الانهيار  الاقتصادي والمالي والنقدي الذي بدأ عام ٢٠١٩ شكل صدمة للقطاع الخاص حيث اقفلت الكثير من الشركات ومنها من انتقل الى خارج لبنان وقامت بتسريح عدد كبير من موظفيها يُقدر  بين ٣٠٠ و ٤٠٠ الف موظف فبعد ما كان عدد موظفي القطاع الخاص حوالي مليون و ٣٠٠ الف شخص و في القطاع العام ٣٠٠ الف موظف اصبح اليوم عدد الموظفين في القطاع العام ٢٥٠ الف موظف و في القطاع الخاص بين  ٩٠٠ الف ومليون شخص 
ويضيف البواب تراجعت المبيعات في بعض الشركات التي تبيع الكماليات كالسيارات و الساعات والمفروشات بحدود ٩٠٪؜ بينما الشركات التي تبيع السلع الضرورية كالمواد الغذائية والاستهلاكية وقطع السيارات والاطارات والبطاريات والزيوت  تراجعت المبيعات فيها بحدود  ال ٥٠٪؜ 
ولفت البواب الى انه في اواخر العام ٢٠٢٠ وبعد انخفاض وطأة جائحة كورونا استطاع القطاع الخاص ان يلملم جراحه حيث تحسنت نوعاً ما المبيعات و الاكلاف الاسعار    اذ عمل القطاع على تخفيض الارباح كي يتمكن من الاستمرار كما قام بتغيير اصناف السلع كي تلائم السوق المحلي اضافةً الى رواتب الموظفين التي كانت بالليرة اللبنانية ثم اصبحت بالشيكات و ثم قسم منها بالدولار بدأ بنسبة ١٠٪؜ ثم ٢٠ و ٤٠ و الان وصلت النسبة الى ٥٠٪؜ وهذا الامر يساعد الموظفين على الاستمرار
اما في العام ٢٠٢٢ يقول البواب وضع القطاع الخاص تحسن مع تحسن القطاع السياحي و ارتفاع اعداد  المغتربين والسياح الذين قدموا الى لبنان والوضع الامني المستقر  نوعاً ما فضلاً عن ال ٧ مليارات دولار كتحويلات من المغتربين وعائدات الموسم السياحي التي بلغت حوالي ٤ او ٥ مليار دولار  التي ساهمت في صمود القطاع الخاص كما تمكنت المعامل اللبنانية ان تزيد من حركة عملها وتطور نفسها وان تلبي حاجات السوق الداخلي 
واذ اشار البواب الى اننا شهدنا تحسناً في الزراعة و الصناعة والسياحة لفت الى ان التجارة تراجعت لكن مؤخراً عادت تلتقط انفاسها بنسبة ٥٠ و ٦٠ ٪؜ عما كانت عليه في العام ٢٠١٩ مشيراً الى ان الاستيراد انخفض من ٢٢ مليار في العام ٢٠١٩ الى حوالي ١٠ مليار  في العام ٢٠٢٠ ثم ارتفع في العام ٢٠٢١ الى ١٣ مليار  وفي العام ٢٠٢٢ بلغ حوالي ١٧ مليار متوقعاً ان نصل في العام ٢٠٢٣ الى ٢٠ مليار 
ووفق البواب هناك نمو في الاقتصاد اللبناني بحدود ٧٪؜ في القطاع الخاص لكن لا يوجد استقرار والهم الاكبر هو القطاع المصرفي الاكثر تضرراً والذي يعد عامود الاقتصاد حيث لا يوجد تسليفات ولا اعتمادات مشدداً على انه لا يمكن ان ينهض اوينشط الاقتصاد من دون عودة القطاع المصرفي الى لعب دوره وعودة القروض للشركات والافراد 
ومن القطاعات المتضررة كما يقول البواب القطاع التربوي و القطاع الصحي حيث هاجر الكثير من الاساتذة والاطباء والممرضين وهذا الامر أثر سلباً على نوعية القطاعين الذين يعملان لاستعادة دورهما
وتحدث البواب عن قرارات وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل في اواخر العام الماضي التي ضربت القطاع الخاص والتي قضت بزيادة الرسوم و الضرائب على سعر صرف المنصة الذي بلغ ٣٨ الف ليرة وبنقلة سريعة اذ لا يمكن للمؤسسات ان تتحمل هذه الزيادات في هذه الظروف متمنياً ان يكون هناك وعي عند المسؤولين والوزراء والنواب وان يقوموا بتصحيح هذه القرارات لأن الاقتصاد لا يحتمل سرعة في الضرائب بهذا الشكل في ظل نمو منخفض 
وتأمل البواب ان يحمل هذا العام بعض الايجابيات مبدياً تفاؤلاً حذراً لان ليس هناك لدينا معطيات اساسية  تساهم في تغيير الوضع الاقتصادي كموضوع النفط والغاز والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي و اقرار قانون الكابيتال كونترول وغيرها من القوانين الاصلاحية مؤكداً على ان القطاع الخاص قادر على الصمود اذا لم  يتلقى ضربات اخرى  تحول دون استمراره مناشداً المسؤولين ان يكونوا الى جانب القطاع الخاص وليس ضده
على اية حال الصراع سيستمر بين التجاذبات السياسية والتسويات السياسية وفي كلتي الحالتين الاقتصاد هو الذي ينتفع او يستمر في الانهيار