مقالات

نهاية حاكم

جوزف فرح

بغض النظر عن سلسلة الدعاوى التي اقيمت ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي لا يعرف الى اين تؤدي :محاكمته ،او بقاؤه حتى نهاية ولايته في اواخر حزيران ،او اعفاؤه وتنحيه تجنبا لمزيد من الخسائر التي تنعكس على سائر المواطنين فإن نهايته تعتبر غير مشرفة وهو الذي لم يبق اى وسام اًو درع الا وناله كأفضل حاكم عربي وافضل حاكم في العالم

مأساة التي وصل اليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كانت من صنع يديه الذي كان يردد دائما "الليرة بخير "فطارت الليرة وما يزال يردد هذا القول رغم انها خسرت ٩٧ في المئة من قيمتها وباتت اليوم لا تشكل المئة الف ليرة الا دولارا واحدا .وهذا التراجع الكبير يعود الى عدم قدرة الحاكم على لجم سعر الصرف والى مسؤوليته المباشرة حسب قانون النقد والتسليف

قد يكون سياسيته ادت الى هذا التراجع نتيجة دعمه المستمر لسعر صرف الليرة وثباتها على سعر ١٥٠٠الف ليرة للدولار الواحد وذلك من خلال اموال المصارف الموجودة في مصرف لبنان مما ادى الى فجوة ماية تقدر ب ٧٩مليار دولار يعمل الجميع على ايجاد الحلول للمعالجة محملين الحاكم مسؤولية هذه الفجوة

قد تكون هندساته المالية سببا من اسباب العجز التي كانت من اجل اعطاء فرصة للسياسيين لاجراء الاصلاحات المطلوبة

قد تكون السلف المالية التي وافق على صرفها لمؤسسة كهرباء لبنان او نتيجة اقرار سلسلة الرتب والرواتب .

كان على الحاكم ان يضرب بشدة على طاولته ويرفض تمويل عجز الموازنة او يقول للسياسيين كفى هدرا وانفاقا لكنه لم يقدم عليها اما خوفا او تواطؤا معهم او طمعا بمنصب رئاسة الجمهورية ‏ او لانه كان ضمن المنظومة السياسية والمالية في البلد ولا يمكنه ان "يطلع " منها رغم انه طالب بمحاكمة السياسيين الفاسدين وليس هو ،

حتى الودائع فإن الحاكم حتى الامس القريب يصر على وجودها وهو يعلم علم اليقين ان هذه الودائع قد تبخرت ولم يبق منها سوى ٩،٦مليار دولار من اصل ٨٠مليار دولار واليوم يحاولون ايجاد "تخريجة "ما لهذه المشكلة الاساسية للمودعين وبالتالي فان الحلول ما تزال نائمة في ادراج المجلس النيابي او مجلس الوزراء بانتظار شىء ما على الرغم ان الودائع مورست عليها الهيركات والتعاميم التي اصدرها مصرف لبنان ولم يبق منها شيئا .

اليوم وبعد ثلاثة عقود تغيرت النظرة الى الحاكم من بطل يحمي الليرة ليؤمن حياة رغيدة للمواطنين الى متهم بضياع ودائع اللبنانيين وغيرهم وان اقواله التي كانت صادقة ومؤمن بها اصبحت غير صادقة بان الليرة لم تكن يوما بخير .

اليوم٬ بعد ثلاثة عقود من الحاكمية٬ وبعد ثلاث سنوات من الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان٫ أعلن رياض سلامة أنه سيغادر منصبه عند انتهاء ولايته في أواخر تموز وسط اجماع على ضرورة مغادرته هذا المنصب بينما كان حتى الامس القريب مطالبا بالبقاء في منصبه لانه حاجة ضرورية للاقتصاد والوطن

محزن ما وصل اليه الرجل بعد ان ظهرت اعماله في لبنان وفرنسا والمانيا واللوكسمبورغ وغيرها من الدول التي رفعت دعاوى ضده بجرم تبييض الاموال وهو المؤتمن على مكافحة تبييض الاموال .

مؤسف نهاية حاكم .