صناعة

جورج نصراوي ؛نريد المعاملة بالمثل

يعيش القطاع الصناعي في لبنان واقعا مختلفا إذ ازدهرت بعض الصناعات فيه لا سيما الغذائيه منها وقد توسعت صادراتها خصوصا أنها معروفه بجودتها العاليه لكنها على الصعيد الرسمي تتعرض لصعوبات عده يستفيض جورج نصراوي نائب رئيس جمعية الصناعيين لشرحها وهو يطالب الدوله بالمعامله بالمثل أسوة بالدول الأخرى كما يدعوها لحماية المنتجات المحليه ودعمها بقوانين تقويها وتدخل المال الى خزينتها.

ما الذي تغير في واقع
القطاع الصناعي خلال الأزمة الإقتصادية الأخيرة وكيف استفاد انطلاقا من مبدأ "رب ضاره نافعة"؟ ان الواقع الصناعي كان جيدا على الدوام وقد سنحت له فرصة أفضل من السابق عندما بدأت أزمة وباء كورونا وتراجع حجم الاستيراد الى لبنان الى جانب أزمة المصارف التي استجدت وقد قوي خلال ذلك بعض الصناعات الجديده التي نشأت في لبنان وحلت مكان الاستيراد ولا تزال مستمرة بنجاح حتى اليوم. حاليا يوجد استثمارات قويه جدا في قطاع صناعة الأدوية وسيتم افتتاح مصنعين جديدين للأدوية في منطقتي الشوف والبقاع وقد تم الترخيص لهما مؤخرا ولا شك سيسهمان بخلق مزيد من فرص العمل خصوصا أن رأسمال مصنع الأدوية عادة هو رأسمال ضخم. يعد افتتاح هذين المصنعين بادره جيده للصناعه اللبنانيه في هذا المجال . كما اننا دون شك نعتمد على التصدير للخارج للحصول على عمله صعبه وانا حسب نظرتي الخاصه فإن الدوله قادره على مساعدة الصناعه اللبنانيه ليس ماديا انما بسن قوانين نحتاجها وقد تكلمت بهذا الشأن مع بعض الوزراء. ان هذا الامر سيسهم بإدخال المال الى خزينة الدولة وينمي صناعتنا. كيف؟ لقد عرف لبنان بصادراته الجيده لا سيما في الصناعه الغذائيه تحت شعار المطبخ اللبناني الذي وضعته أنا شخصيا عندما كنت رئيس نقابة الصناعات الغذائيه وقد كنا نشارك في المعارض المتخصصه عالميا . لقد بدأت المشاركة في هذه المعارض منفردا منذ العام 1978 وعندما اصبحت رئيس نقابة عملت على تعزيز فكرة المشاركة في هذه المعارض بين زملائي الصناعيين وشجعتهم للمشاركه فيها اسهاما بزيادة صادراتهم وتوسيع اعمالهم إذ علينا الانفتاح على العالم الخارجي . لقد اصبحنا نشارك بجناح لبناني في هذه المعارض المتخصصه كمعرض فرنسا الذي يحدث كل عامين ومعرض انوغا في المانيا ومعرض الخليج فود ومعرض فانسي شو في امريكا. أنتم تشاركون في كل هذه المعارض؟ أجل أنا أشارك فيها كلها وقد اقتنع الزملاء بالفكره تدريجيا وبدأوا يشاركون في هذه المعارض وأذكر أننا كنا أربعة مشاركين في اول جناح لبناني اقمناه وما لبث ان ازداد العدد عندما لمس الكل نجاح الفكره وهم اليوم يتسابقون للحجز في هذه المعارض , كما أن آخر معرض شاركنا به كان معرض الخليج فود خلال شهر فبراير الماضي وقد كان تواجدا جيدا . ان هذه المشاركه فتحت المجال أمامنا لزيادة صادراتنا خصوصا أن صناعتنا الغذائيه مقبوله في العالم كله . ان منتجاتنا جيده وتباع بشكل واسع بحيث يمكنني القول ان ما فعلناه كصناعيين أسهم بتعريف العالم بصناعتنا لكننا نعاني الأمرين إذ أن الدول المجاوره وبفضل الدعم الرسمي لصناعاتها باتت تسبقنا فعلى سبيل المثال إن مبيعات سلعة الحمص بطحينه وحدها في إسرائيل تفوق المليار دولار سنويا وقد أنشأوا عدة معامل بهذا المجال في أمريكا بينما دولتنا لا زالت غافيه ولا تقوم بأي حركة. اننا لا نطالبها بالدعم المادي انما نطالبها بسن قوانين بحق البضاعه المنافسه التي تغزو سوقنا دون ان تدفع ضريبه جمركيه تبعا للاتفاقيات المبرمه مع بعض الدول .ان هذه السلع تدخل سوقنا دون أن تدفع ضريبه جمركيه بالإضافة الى تمتعها بدعم رسمي من دولتها . ان كلفة التصنيع على الغاز مثلا في مصر مجانيه بينما الكلفه في لبنان مرتفعه بفعل كلفة الطاقه العاليه. ان المنتجات المصريه اليوم تدخل السوق المحلي دون دفع رسوم بفعل الاتفاقيات المعقودة مع دولة مصر بينما أنا كمستورد للمواد الأولية أدفع ضريبه جمركيه 10% . انني أحمل هذا الملف عني وعن زملائي الصناعيين منذ اكثر من عشر سنوات واتباحث به مع الوزراء ولم أصل الى نتيجه لأنهم حسب رأيهم يريدون حماية المصنع اللبناني الذي في الواقع لا يصنع المواد التي استوردها من الخارج . لقد اقتنع مؤخرا وزير الصناعة بالأمر وهو بصدد إصدار قرار بهذا الشأن لكن مدير عام الوزاره داني جدعون لا يزال يتريث بالأمر رغم العديد من الإجتماعات التي عقدتها معه وحاولت فيها اقناعه. لكن من المعروف أن مدير عام وزارة الصناعة يدعم الصناعه والصناعيين لذا كيف تفسرون الأمر؟ إنه دون شك يدعم القطاع الصناعي لكنه يريد حماية المصنع اللبناني الذي للعلم لا يلبي حاجة الصناعيين جميعا وانتاجه لا يتضمن المواصفات العالميه لذا لا استطيع تصديره . ان الأسواق المجاوره مثل أسواق مصر والأردن وسوريا وتركيا تنافسنا حتى بالتصدير لأن الصناعه لديها مدعومه بكلفه انتاجها . انا مثلا أصدر انتاجي الى مصر وكل فنادقها وقد صدر مؤخرا قانون جديد في مصر يمنع الاستيراد بسبب الأزمة الإقتصادية فيها بينما في لبنان الأبواب مشرعة أمام البضائع المصريه ولا يتم التعامل بالمثل. لقد أقر مجلس الوزراء في موازنته فرض 10%على المستوردات التي لها مثيل في لبنان فما قولكم بذلك؟ إنه لم ينفذ بعد. منذ أكثر من عام ونحن نعمل على الموضوع واقمنا لجنة بهذا الخصوص لكن التجار حاربوا القرار ورفضوه وقد عقدنا العديد من الإجتماعات مع الوزير ومحمد شقير وسليم الزعني لتأليف لجنة تدرس السلع وتفريقها ما بين السلع الخاضعه للضريبه والأخرى المستثناة. لقد عقدنا عدة اجتماعات مع الهيئات الإقتصادية والتجار ووضعنا قائمة بالسلع ولم تصدر حتى الآن اي نتيجة بهذا الشأن. ان كل شيء في لبنان "راوح مكانك". للأسف لكل انسان مصالحه الخاصة ومجموعته التي تتحكم بالأمور. ان لوبي التجار أقوى من الصناعيين وانا اقول للتجار أن الصناعيين بحاجة للتجار والتجار بحاجه للصناعيين وهما يتكاملان ولا يفترض الوقوف في وجه بعضهما بل عليهما التعاون وعلى هذا الأساس كان اللقاء الأخير الذي تم بيننا بغية التفاهم على السلع التي سيتم فرض 10% عليها ولم نتوصل بعد الى صيغة نهائيه. ان السوق المصري اليوم يغرق سوقنا بمنتجاته المعفاة من الضريبه بينما نحن لا نستطيع أخذ قرار بشأنها فالمفروض ان يتم التعامل بالمثل والإجابة الدائمة لنا "ان مصر دوله كبرى ولدينا معها علاقات سياسيه ولا نريد اغضابها" . علينا ألا ندخل السياسة بالاقتصاد فإذا قررت الدوله فرض رسما جمركيا على البضاعه المصريه فهذا سيرفد الخزينه المحتاجه لهذا المال . ان دولة الجزائر رغم انها ضمن اتفاقية التعاون لديها حوالي 1000 سلعة ممنوع استيرادها لانه يصنع مثيلها في الداخل لذا لماذا لا نتمثل بالجزائر ونفعل مثلها؟. ان 85%من انتاجي كصناعي معد للتصدير الى العديد من الدول وفي كل فتره يتصل بي الوكيل ليبلغني عدم القدره على تصدير سلعه معينه لوجود مثيل لها في الداخل وانا كصناعي لا اطالب دولتي بدعم مادي لأنها لا قدره لديها على ذلك انما اطالبها بسن قوانين تحمي انتاجي وتزيد صادراتي مما يخلق المزيد من فرص العمل ويقوي الاقتصاد عموما . لدينا العديد من الخطط التي تنعش الاقتصاد لكن للأسف كل فريق سياسي موجود في جهه معاكسه ولا إمكانية لأخذ القرارات المفيده. لكن خلال الأزمة الأخيرة تم فتح أسواق جديده أمام منتجاتكم فكيف تقيمون الوضع؟ لقد فتحت أسواق جديده في لبنان خصوصا أثناء أزمة كورونا إذ نشأت العديد من المصانع لإنتاج الأدوات المعقمه وقد زادت الصادرات وحققت حوالي 4 مليار دولار لكن الرقم قد تراجع هذه السنه بعد اقفال سوق السعوديه أمامنا رغم انه سوق واعد ونحن نتمنى ان يكون التقارب الأخير بين ايران والسعوديه له انعكاسه الجيد علينا بهذا الخصوص . ان المجال واسع لزيادة صادراتنا لكننا بحاجه لبعض القوانين التي تحمي صناعتنا المحلية. هل تعتقدون أن عدم تطور الصناعه المحليه هو بسبب عدم وجود القوانين الداعمة للتصدير؟ أجل بكل تأكيد. ما المطلوب إذن؟ المطلوب الحلحله بالأمر وعدم التعقيد. لقد صدر قرار خلال الأزمة بعرض قائمة كل الصادرات الغذائيه على وزير الصناعه لتوقيعها وهذا أمر متعب للوزير ولنا.
ألم يتحسن الوضع من حيث الاستهلاك المحلي؟ لقد زاد الطلب في السوق المحلي لا سيما على المنتجات التي خف استيرادها لكن محال السوبرماركت تفرض علينا شروطا مزعجة كما علينا دفع رسوم لعرض منتجاتنا فوق رفوفها وهي لا زالت تفرض على التجار القبض مناصفه ما بين الشيك والكاش بالإضافة الى انها تمكث طويلا لتسديد ما عليها مما يكبدنا الخسائر بفعل تغير سعر الصرف المستمر. لقد وافق وزير الإقتصاد على إصدار فاتورتنا بالدولار وهذا أمر جيد لنا . ان الوضع الصناعي يبشر بالخير اذا جرى تنظيمه على مستوى التصدير والسوق المحلي مع وضع القوانين التي سبق وتحدثت عنها . لقد فتح بعض السوريين وبشكل غير شرعي العديد من المصانع في لبنان والمعروف ان على كل صناعي يريد العمل في السوق ان يتمتع بشهادة صناعيه وقد طلب الوزير من البلديات تزويده بقائمة تتضمن هذه المصانع لكنها لم تتجاوب معه. ان مدير عام وزارة الإقتصاد يبذل اقصى جهده بهذا الخصوص لكن الفوضى الموجوده متعبه جدا فلو تم إتخاذ القرارات الصحيحه الى جانب التعاون فيما بيننا لكان الوضع قد تحسن لكن لا يوجد عدد كاف من المراقبين لمتابعة السوق المحلي رغم وجود آلاف الموظفين في دوائر الدوله الرسميه دون عمل. كيف تقيمون واقع القطاع الصناعي في ظل التدهور المالي الاقتصادي الذي لعب دوره في تقدم بعض الصناعات وتراجع بعضها الآخر؟ لقد تحسن وضع المصانع اللبنانيه لا سيما الغذائيه منها . لقد تراجعت بعض الصناعات وهذا أمر طبيعي إذ أن الأمر يعود لطلب المستهلك وقدرته الشرائية. لقد ازدهر قطاع صناعة المعقمات وأدوات التنظيف والقطاع الصناعي لا يطلب بالنتيجه الا تجاوب الدوله معه ومع مطالبه لا سيما ان الصناعه الغذائيه قد قوت الزراعة. على صعيد مصنعكم"الربيع" هل تجدون صعوبه في التصدير أم أنكم تركزون على السوق المحلي؟
لقد أنشأت مصنعي في العام 1975 وقد كنت في بداية عهدي بالعمل بعد تخرجي كمهندس كهربائي وقد عملت في هذا المجال وكنت اسافر الى قبرص لشراء ما يلزمني من أدوات بهذا المجال وفي أحدى المرات سألني أحد معارفي بأن أحمل له معي طحينة ومن هنا بدأت التفكير بهذا المجال وقد انشأت مصنعي للطحينه والحلاوه في العام 1978 في منطقة الضبيه وقد كانت الآلات المستخدمة سابقا بدائية قمت بتطويرها الى المكننه ومن ثم اعتمدت الطريقه الاوتوماتيكيه وبنفس الوقت كنت أزيد أصناف منتجاتي حتى أصبحت اليوم 120 صنفا.أنا أحب مصلحتي والعمل في لبنان وقد جاءني العديد من العروض للعمل في الخارج وقد رفضتها كلها رغم ان بعضها عرض مساهمتي بالخبره فقط . ان الأزمة الأخيرة التي نعيشها في لبنان جعلتني أشعر بالندم فهذه الأزمة كارثيه على كل اللبنانيين. أنا لدي 3 اولاد وهم يعملون معي وانا اذا فكرت بتوسيع عملي في الخارج فسيكون في أمريكا او كندا.